رسالة لوزير الإعلام .. إقطاعيات ثقافية أم منصات إبداعية

د. محمد الوهيب

أستاذ مساعد بالفلسفة السياسية والمعاصرة بجامعة الكويت

أناقش في هذا المقال موضوع في غاية الأهمية يخص المؤسسة الأولى المعنية بشؤون الثقافة في الكويت المجلس الوطني، فمن المؤسف أن تغيب الشفافية في إدارات تحرير منشورات المجلس الوطني للثقافة، ومن المعيب أيضا بعد مرور كل تلك السنوات ألا يتم تطوير اللوائح التي تضمن هذه الشفافية وتمنع الاحتكار… وهو الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى تحويل المنصات الإبداعية إلى إقطاعيات ثقافية للأسف.

لقد حمل المجلس الوطني للثقافة شعلة التنوير منذ بزوغ نجمه، وكان ذلك على يد الكثير من العقول والقامات الفكرية من الكويت وخارجها التي استعان بها الكادر الإداري للمجلس من مؤسسات أكاديمية كثيرة وأهمها جامعة الكويت. ولكن الواقع اليوم قد تغير وتبدل وأصبحت إصدارات المجلس في حال يرثى لها، وأنا أعزو ذلك تحديدا وبشكل مباشر للطاقم الاستشاري الذي يقوم على إدارة هذه الإصدارات، وليس في الأمر شخصانية على الإطلاق، فالمسؤولية وطنية وتقع على عاتقنا جميعا، على الأقل هذه الشريحة من المواطنين التي ترى في الثقافة أداة حقيقية للتغيير وانتشال المجتمع من براثن التخلف والجهل.

من المؤسف بالفعل أن تتحول إصدارات المجلس إلى “اقطاعيات”، فبعض الشخصيات التي تدير هذه الإصدارات، قد استمرت في منصبها لمدة تزيد عن عشرين عاما، نعم هي بالفعل كذلك! وأنا شخصيا لا أعرف وزيرا للإعلام أو وكيلا أو أمينا للمجلس أو رئيسا لأحد قطاعاته قد استمر في منصبه لهذه المدة! ولذر الرماد في العيون، والإيحاء للجميع بعدم احتكار المناصب والمكافآت المالية، يتم وبكل سهولة وسلاسة الانتقال من مجلة إلى أخرى/ من إقطاعية إلى أخرى، ليتم تمضية ربما عشر سنوات أخرى هناك قبل اختيار الاقطاعية الجديدة.

كيف سمح القانون بذلك؟ الإجابة بسيطة: تم هذا الأمر لعدم وجود قانون أو لائحة تنظم هذا العمل! وهكذا فالمسألة أصبحت مفتوحة تماما للترضيات وتنفيع الأصدقاء والأقارب على حساب المال العام، ناهيك عن استغلال هذه المناصب العامة لخدمة الأغراض الشخصية كبناء شبكات العلاقات الاجتماعية وال “برستيج” الوهمي، ويتم كل ذلك للأسف على حساب الثقافة والابداع. هل هناك من تحديد للمدة التي يقضيها شخص ما في هيئة التحرير، كمستشار أم عضو؟ بالطبع لا! هل هناك من معايير مطبوعة ومنشورة يعلن عنها لشغل هذه المناصب؟ بالطبع لا! هل هناك من دورة مستندية قانونية يمكن من خلالها للمؤهلين أن يقدموا طلباتهم فيها؟ وأن يتظلموا في حال معرفتهم بشائبة شابت عملية التقييم؟ بالطبع لا!

! المسألة برمتها، من اختيار وتعيين تتم في “غرف سرية”، مغلقة تماما، بعيدا عن أعين المراقبة القانونية، وعند التعيين وصدور القرار الرسمي تتم صرف المكافآت من المال العام. وعند السؤال عن شفافية هذه العملية برمتها، تكون الإجابة من قبلهم جاهزة بالطبع: ليس هناك قانون، أو لائحة تنفيذية تنظم هذا الاختيار… هذا ما وجدنا عليه آباءنا ونحن من ورائهم سائرون!

معالي وزير الإعلام… معالي الأمين العام للمجلس الوطني.. لقد أكدت كل تجارب العالم أن ازدهار الفنون والثقافة يكون من خلال الإبداع والتجديد، والحقيقة هي أنه عندما تبقى القيادة دون تغيير لفترات طويلة، فهناك خطر أن تصبح المؤسسة راكدة، بل ميتة، تعتمد على الأفكار التي تعلمتها منذ عشرات السنين. إن استمرار القيادات في هيئات تحرير إصدارات المجلس المختلفة لفترة طويلة جدا أدى إلى جمود بيروقراطي جعل إيقاع التغيير والإبداع بطيئا جدا، مشلولا، يقاوم كل أشكال التغيير، بل ويخاف منها، فقط لأنها مختلفة! والحال أن الثقافة بطبيعتها ليست ثابتة؛ وإن كانت كذلك، فربما أتاح التغيير الفرصة لوجهات نظر ثقافية وفنية وأدبية مختلفة ليتم تمثيلها، مما يمنع احتكار نخبة معينة للسرد الثقافي، ويضمن أن تكون القرارات أكثر شفافية وتنوعًا.

معالي وزير الإعلام… معالي الأمين العام للمجلس الوطني لا أشك للحظة بحرصكم على الإصلاح انطلاقا من مسؤوليتكم الوطنية والأمانة التي حملتكم إياها القيادة السياسية، ولا أشك بمعرفتكم وإدراككم لمخاطر المحسوبية والفساد في المؤسسات الثقافية. والحقيقة التي نعلمها جميعا هي أنه كلما طالت مدة بقاء القيادة، كلما زادت مخاطر المحسوبية، والفساد، وسوء إدارة الموارد. الواقع اليوم مؤلم بكل أسف، فلقد أدى استمرار هيئات التحرير لفترات طويلة الأمد إلى شكل غريب من “السيطرة السياسية” على الإنتاج الثقافي. المطلوب اليوم هو أن نقف وبكل شجاعة أمام مسؤوليتنا الوطنية فنضمن عدم هيمنة أيديولوجية واحدة على المشهد الثقافي، وأن نحمي تعددية الأصوات، وحرية التعبير، والحد الأدنى من الشفافية والمساءلة في هذه المؤسسة الوطنية العريقة.

أناقش في هذا الثريد موضوع في غاية الأهمية يخص المؤسسة الأولى المعنية بشؤون الثقافة في الكويت المجلس الوطني، فمن المؤسف أن تغيب الشفافية في إدارات تحرير منشورات المجلس الوطني للثقافة، ومن المعيب أيضا بعد مرور كل تلك السنوات ألا يتم تطوير اللوائح التي تضمن هذه الشفافية وتمنع الاحتكار… وهو الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى تحويل المنصات الإبداعية إلى إقطاعيات ثقافية للأسف. أناقش في هذا الثريد موضوع في غاية الأهمية يخص المؤسسة الأولى المعنية بشؤون الثقافة في الكويت المجلس الوطني، فمن المؤسف أن تغيب الشفافية في إدارات تحرير منشورات المجلس الوطني للثقافة، ومن المعيب أيضا بعد مرور كل تلك السنوات ألا يتم تطوير اللوائح التي تضمن هذه الشفافية وتمنع الاحتكار… وهو الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى تحويل المنصات الإبداعية إلى إقطاعيات ثقافية للأسف.أناقش في هذا الثريد موضوع في غاية الأهمية يخص المؤسسة الأولى المعنية بشؤون الثقافة في الكويت المجلس الوطني، فمن المؤسف أن تغيب الشفافية في إدارات تحرير منشورات المجلس الوطني للثقافة، ومن المعيب أيضا بعد مرور كل تلك السنوات ألا يتم تطوير اللوائح التي تضمن هذه الشفافية وتمنع الاحتكار… وهو الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى تحويل المنصات الإبداعية إلى إقطاعيات ثقافية للأسف.

“الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعكس بالضرورة رأي المنتدى الوطني الكويتي ولا يتحمل أي مسئولية عن محتواه.”