
مقال | اين اغلاق المطاعم في رمضان

أسامة السند
محامي وكاتب
شهر رمضان زارنا بخفه وسيرحل بخفه، ان العجيب في رمضان لهذا العام انه مختلف عن الاعوام الماضية، لا ضوضاء ولا صيحات أو أهازيج، لم يطلب احدهم شيئا خلاله، وهذا ما جعله خفيفاً وجميلاً، لم ينادي بعض السياسيين والمهتمين بالشأن الديني باغلاق المطاعم في نهار رمضان، ولم يخرج وزير يستشيط غضباً ليصدر قراراً بفرض اغلاق المطاعم ومنع توصيل الشركات الا من بعد الساعة الثانية او الثالثة ظهراً، ولم يبكي احدهم على ضياع الاسلام منا بعد ان اشترى احدهم شطيرة او وجبة من احد مراكز التسوق ليختلي بها مع نفسه في المنزل، هي اول ملاحظاتي في رمضان هذا العام، لماذا لم يزعجنا احدهم باللاشيء ومطالباته الساذجة، ولماذا لم يعتصر المسؤوليين او الوزراء الماً ويهرولون مسرعين لتحقيق مطالب المجتمع بفرض الوِصاية على المَعِدة.
صحيح اني غير مهتم بموضوع فتح المطاعم او اغلاقها، ولكن لماذا لم يتم اغلاق المطاعم ومنع التوصيل هذا العام، انا في حيرة من امري، كان يجب ان يطلوا علينا المعارضين كعادتهم ليشجبوا ويستنكروا ويصرحوا ويوضحوا، لكن لم يحدث هذا، والغريب ان المطاعم مفتوحة وشركات التوصيل تعمل، ولم يُمنع احد او يغلق نشاط، ولم نشاهد احدهم يأكل على الطرقات وفي المولات، ببساطة لم يهتم احدهم لتلك الظاهرة الصوتية التي إستغلت المواضيع الدينية لمآربها السياسية او الاجتماعية، اختفت تلك البطولات الوهمية والانتصارات الاعلامية، كما ان المجتمع لم يغرق في الانحلالات الاخلاقية والمجاهرة بالاكل نهاراً، في ذلك الوقت “سابقاً” لم ينظر احدهم “المسؤولين” بجدية لحال البلد، بل شاهدناهم يصنعون بالساعات والايام جبالاً من دُخان اختفت مع اول قطرة مطر.
والحقيقة ان اولئك المنادين صنعوا اعدائهم من القش لينتصروا عليها ويعلنوا لنا عبر علاقاتهم بالمسؤولين من انهم حققوها، فُهم انتصروا والمسؤولين انتصروا بفرض القانون او تحديداً “الوصاية” الغير منطقية او مبررة، وبغير حاجة لها!!، نعم خلقنا قضايا ومواضيع ومشكلات لا قيمة لها، لم تسمن او تغني من جوع، عندما افكر بهذه الحالة العجيبة اتساءل لماذا في هذا العام لم يكترث احدهم لهذا الشيء، ولما لم يحدث شيء لمنع المطاعم عن التوصيل، بالتأكيد هذا لاننا كنا ضائعين لا نعرف ماهي الاولويات، وكنا نعطي اولئك القاضبين على انفسهم والعالم اكبر من احجامهم الفعلية، وكذلك لأن طموحاتنا مثل الماء لا شكل لها، نبحث عن صراعات جانبية ليست الا الهوامش لا لأننا نهتم لتلك الامور بل لاننا تركنا جهلاء القوم يجرونا الى صراعاتهم النفسية ومطالبهم الصغيرة، نعم ان رمضان هذا العام اجمل دون صياح البعض، واجمل حينما لا نضيع وقتنا على توافه الامور، واجمل حين نرى الحياة تسير بشكل طبيعي دون اشكالات او مشكلات او مخالفات لأعراف رمضان، لاننا لم نكن بحاجة يوماً لصراخ هؤلاء القاضبين على العالم المهتمين بكيفية ذهاب الناس للجحيم بدلاً من كيفية ذهابهم هُم للجنة.
“الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعكس بالضرورة رأي المنتدى الوطني الكويتي ولا يتحمل أي مسئولية عن محتواه.”